يَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالدُّخُولِ فِي جَمِيعِ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ وَشُعَبِهِ وَأَرْكَانِهِ وَدَعَائِمِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ ، بَلْ مِنْ بَابِ تَكْمِيلِ الْكَامِلِ وَتَقْرِيرِهِ وَتَثْبِيتِهِ وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهِ . كَمَا يَقُولُ الْمُؤْمِنُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) [ الْفَاتِحَةِ : 6 ] أَيْ : بَصِّرْنَا فِيهِ ، وَزِدْنَا هُدَى ، وَثَبِّتْنَا عَلَيْهِ . فَأَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ) [ الْحَدِيدِ : 28 ] .
وَقَوْلُهُ : ( وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ ) يَعْنِي : الْقُرْآنَ ( وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ) وَهَذَا جِنْسٌ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَقَالَ فِي الْقُرْآنِ : ( نَزَّلَ ) ; لِأَنَّهُ نَزَلَ مُفَرَّقًا مُنَجَّمًا عَلَى الْوَقَائِعِ ، بِحَسَبِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعِبَادُ إِلَيْهِ فِي مَعَادِهِمْ وَمَعَاشِهِمْ ، وَأَمَّا الْكُتُبُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَكَانَتْ تَنْزِلُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ; وَلِهَذَا قَالَ : ( وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ) ثُمَّ قَالَ ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) أَيْ : فَقَدْ خَرَجَ عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى ، وَبَعُدَ عَنِ الْقَصْدِ كُلَّ الْبُعْدِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق