ب بادي 7.

المصحف وورد /رسم القلب الكهربي /تلاوات للقران الكريم /مراجعات الصف الأول الثانوي ترم ثاني /الخلاصة في المراجعات أولي ثانوي تثاني /مدونة اللغة العربية.كتب ومراجع /لغة عربية أولي ثانوي ت2 /ترتيب آيات الذكر الحكيم حسب تاريخ نزوله /تنزيل آيات الذكر /لماذا شرع الله تعالي الطلاق /وصف الجنة والحورالعين /كيف يكون الطلاق وما هي أحكام سورة الطلاق؟ /الكيمياء للصف الأول الثانوي /أحكام عدة النساء وكيفية الطلاق /الحائرون الملتاعون من الطلاق ونار الفراق دين الله أرحم من اختلافات الرجال /مذكرات كل فروع الرياضيات /المصحفُ مكتوباً بصيغة وورد /تقنية النانو /مدونة سورة البقرة /مذكرات مراجعة اللغة الإنجليزية /مذكرة مراجعات الفيزياء أولي ث ترم 2 / سورة النساء.تفسير وأحكام /المصحف مكتوبا ورد آية آية /ة المصاحف /مدونة سورة آل عمران /مدونة الجنة ونعيمها والنار وهول جحيمها /اللغة الألماني للصف الأول الثانوي /التاريخ اولي ثانوي /مذكرات الصف الأول الثانوي /اللغة العربية للصف الاول والثالث الثانوي /الاحياء للصف الأول الثانوي

Translate ترجمة المدونة

الجمعة، 17 فبراير 2017

52 لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ..




[ ص: 418 ] ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ( 123 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ( 124 ) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ( 125 ) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ( 126 ) )

قَالَ قَتَادَةُ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ افْتَخَرُوا ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ : نَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ ، وَكِتَابُنَا قَبْلَ كِتَابِكُمْ ، فَنَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ . وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : نَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ نَبِيُّنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، وَكِتَابُنَا يَقْضِي عَلَى الْكُتُبِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ] ) الْآيَةَ . فَأَفْلَجَ اللَّهُ حُجَّةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ .

وَكَذَا رُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَالضَّحَّاكِ وَأَبِي صَالِحٍ ، وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : تَخَاصَمَ أَهْلُ الْأَدْيَانِ فَقَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ : كِتَابُنَا خَيْرُ الْكُتُبِ ، وَنَبِيُّنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ . وَقَالَ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ مِثْلَ ذَلِكَ . وَقَالَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ : لَا دِينَ إِلَّا الْإِسْلَامُ . وَكِتَابُنَا نَسَخَ كُلَّ كِتَابٍ ، وَنَبِيُّنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، وَأُمِرْتُمْ وَأُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِكِتَابِكُمْ وَنَعْمَلَ بِكِتَابِنَا . فَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) وَخَيَّرَ بَيْنَ الْأَدْيَانِ فَقَالَ : ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ] ) إِلَى قَوْلِهِ : ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا )

وَقَالَ مُجَاهِدٌ : قَالَتِ الْعَرَبُ : لَنْ نُبْعَثَ وَلَنْ نُعَذَّبَ . وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى : ( لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ) [ الْبَقَرَةِ : 111 ] وَقَالُوا ( لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ) [ الْبَقَرَةِ : 80 ] .

وَالْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّ الدِّينَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي وَلَا بِالتَّمَنِّي ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ ادَّعَى شَيْئًا حَصَلَ لَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ ، وَلَا كُلُّ مَنْ قَالَ : " إِنَّهُ هُوَ الْمُحِقُّ " سُمِعَ قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ ، حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنَ اللَّهِ بُرْهَانٌ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ) أَيْ : لَيْسَ لَكُمْ وَلَا لَهُمُ النَّجَاةُ بِمُجَرَّدِ التَّمَنِّي ، بَلِ الْعِبْرَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَاتِّبَاعِ مَا شَرَعَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ الْكِرَامِ ; وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) كَقَوْلِهِ ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) [ الزَّلْزَلَةِ : 7 ، 8 ] .

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ قَالَ : أُخْبِرْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ الصَّلَاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) فَكُلُّ سُوءٍ عَمِلْنَاهُ جُزِينَا بِهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ ؟ " قَالَ : بَلَى . قَالَ : " فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ "[ص:419]

وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، بِهِ . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، عَنْ أَبِي يَعْلَى ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، بِهِ . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِهِ 

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ زِيَادٍ الْجَصَّاصِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا " .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هُشَيْمِ بْنِ جُهَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ الْجَصَّاصُ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : انْظُرُوا الْمَكَانَ الَّذِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ مَصْلُوبًا وَلَا تَمُرُّنَّ عَلَيْهِ . قَالَ : فَسَهَا الْغُلَامُ ، فَإِذَا ابْنُ عُمَرَ يَنْظُرُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ثَلَاثًا ، أَمَا وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا صَوَّامًا قَوَّامًا وَصَّالًا لِلرَّحِمِ ، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُوَ مَعَ مُتَسَاوِي مَا أَصَبْتَ أَلَّا يُعَذِّبَكَ اللَّهُ بَعْدَهَا . قَالَ : ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا فِي الدُّنْيَا يُجْزَ بِهِ " .

وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ ، بِهِ مُخْتَصَرًا . وَقَدْ قَالَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُرُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمِ بْنِ حَيَّانَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي حَيَّانَ بْنِ بِسْطَامٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ ، فَمَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ ، فَقَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا خُبَيْبٍ ، سَمِعْتُ أَبَاكَ - يَعْنِي الزُّبَيْرَ - يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى " ثُمَّ قَالَ : لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ الزُّبَيْرِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ   

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، حَدَّثَنِي مَوْلَى ابْنِ سِبَاعٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا بَكْرٍ ، هَلْ أُقْرِئُكَ آيَةً نَزَلَتْ عَلَيَّ ؟ " قَالَ : قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَأَقْرَأَنِيهَا فَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنِّي وَجَدْتُ انْقِصَامًا فِي ظَهْرِي حَتَّى تَمَطَّأْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ " قُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيُّنَا لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ ، وَإِنَّا لَمَجْزِيُّونَ بِكُلِّ سُوءٍ عَمِلْنَاهُ ؟ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ الْمُؤْمِنُونَ فَتُجْزَوْنَ بِذَلِكَ فِي [ ص: 420 ] الدُّنْيَا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ ، وَلَيْسَ لَكُمْ ذُنُوبٌ ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَيُجْمَعُ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يُجْزَوْا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ ، بِهِ . ثُمَّ قَالَ : وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ يَضْعُفُ ، وَمَوْلَى ابْنِ سِبَاعٍ مَجْهُولٌ .

[ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا الْغُلَامُ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جَاءَتْ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا هِيَ الْمَصَائِبُ فِي الدُّنْيَا " ] .

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ الصِّدِّيقِ : قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَسْكَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ السَّعْدِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ [ الصِّدِّيقُ ] يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةَ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمَصَائِبُ وَالْأَمْرَاضُ وَالْأَحْزَانُ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ " .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَارِثِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُلُّ مَا نَعْمَلُ نُؤَاخَذُ بِهِ ؟ فَقَالَ : " يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَلَيْسَ يُصِيبُكَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَهُوَ كَفَّارَةٌ " .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سِوَادَةَ حَدَّثَهُ ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ حَدَّثَهُ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَجُلًا تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) فَقَالَ : إِنَّا لَنُجْزَى بِكُلِّ عَمَلٍ ؟ هَلَكْنَا إذًا . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " نَعَمْ ، يُجْزَى بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا ، فِي نَفْسِهِ ، فِي جَسَدِهِ ، فِيمَا يُؤْذِيهِ " .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ بَشِيرٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَشَدَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ . فَقَالَ : " مَا هِيَ يَا عَائِشَةُ ؟ " قُلْتُ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) فَقَالَ : " هُوَ مَا يُصِيبُ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ حَتَّى النَّكْبَةُ يُنْكَبُهَا "[ص: 421 ]

رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ ، بِهِ . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ الْخَزَّازِ بِهِ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أُمَيَّةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) فَقَالَتْ : مَا سَأَلَنِي عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، هَذِهِ مُبَايَعَةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ ، مِمَّا يُصِيبُهُ مِنَ الْحُمَّى وَالنَّكْبَةِ وَالشَّوْكَةِ ، حَتَّى الْبِضَاعَةُ يَضَعُهَا فِي كُمِّهِ فَيَفْزَعُ لَهَا ، فَيَجِدُهَا فِي جَيْبِهِ ، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ التِّبْرُ الْأَحْمَرُ مِنَ الْكِيرِ " .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) قَالَ : " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الْفَيْظِ عِنْدَ الْمَوْتِ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ ، عَنْ زَائِدَةَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعَبْدِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُكَفِّرُهَا ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْحَزَنِ لِيُكَفِّرَهَا عَنْهُ " .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، يُخْبِرُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، فَإِنَّ فِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ، وَالنَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا " .

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، بِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ رَوْحٍ وَمُعْتَمِرٍ كِلَاهُمَا ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) بَكَيْنَا وَحَزِنَّا وَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَبْقَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : " أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَكَمَا نَزَلَتْ ، وَلَكِنْ أَبْشِرُوا وَقَارِبُوا وَسَدِّدُوا ; فَإِنَّهُ لَا يُصِيبُ أَحَدًا مِنْكُمْ [ ص: 422 ] فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا خَطِيئَتَهُ ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا أَحَدُكُمْ فِي قَدَمِهِ " .

وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ ، حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ " أَخْرَجَاهُ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ الَّتِي تُصِيبُنَا ؟ مَا لَنَا بِهَا ؟ قَالَ : " كَفَّارَاتٌ " . قَالَ أُبَيٌّ : وَإِنْ قَلَّتْ ؟ قَالَ : " وَإِنْ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا " قَالَ : فَدَعَا أُبَيٌّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ الْوَعْكُ حَتَّى يَمُوتَ ، فِي أَلَّا يَشْغَلَهُ عَنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ ، وَلَا جِهَادٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ ، فَمَا مَسَّهُ إِنْسَانٌ إِلَّا وَجَدَ حَرَّهُ ، حَتَّى مَاتَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ .

حَدِيثٌ آخَرُ : رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، وَمَنْ يَعْمَلْ حَسَنَةً يُجْزَ بِهَا عَشْرًا . فَهَلَكَ مَنْ غَلَبَ وَاحِدَتُهُ عَشْرًا " .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) قَالَ : الْكَافِرُ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ) [ سَبَأٍ : 17 ] .

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : أَنَّهُمَا فَسَّرَا السُّوءَ هَاهُنَا بِالشِّرْكِ أَيْضًا .

وَقَوْلُهُ : ( وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِلَّا أَنْ يَتُوبَ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .

وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَوْلُهُ : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ [ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ] ) لَمَّا ذَكَرَ الْجَزَاءَ عَلَى السَّيِّئَاتِ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَأْخُذَ مُسْتَحَقَّهَا مِنَ الْعَبْدِ إِمَّا فِي الدُّنْيَا - وَهُوَ الْأَجْوَدُ لَهُ - وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَنَسْأَلُهُ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَالصَّفْحَ وَالْعَفْوَ وَالْمُسَامَحَةَ - شَرَعَ فِي بَيَانِ إِحْسَانِهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ فِي قَبُولِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادِهِ ذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ ، بِشَرْطِ الْإِيمَانِ ، وَأَنَّهُ سَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ وَلَا يَظْلِمُهُمْ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ وَلَا مِقْدَارَ النَّقِيرِ ، وَهُوَ : النَّقْرَةُ الَّتِي فِي ظَهْرِ نَوَاةِ التَّمْرَةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْفَتِيلِ ، وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي فِي شِقِّ النَّوَاةِ ، وَهَذَا النَّقِيرُ وَهُمَا فِي نَوَاةِ التَّمْرَةِ ، وَكَذَا الْقِطْمِيرُ وَهُوَ اللِّفَافَةُ الَّتِي عَلَى نَوَاةِ التَّمْرَةِ،الثَّلَاثَةُ فِي الْقُرْآنِ[ص:423]

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ) أَخْلَصَ الْعَمَلَ لِرَبِّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَعَمِلَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ( وَهُوَ مُحْسِنٌ ) أَيِ : اتَّبَعَ فِي عَمَلِهِ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لَهُ ، وَمَا أَرْسَلَ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ، وَهَذَانَ الشَّرْطَانِ لَا يَصِحُّ عَمَلُ عَامِلٍ بِدُونِهِمَا ، أَيْ : يَكُونُ خَالِصًا صَوَابًا ، وَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِلشَّرِيعَةِ فَيَصِحُّ ظَاهِرُهُ بِالْمُتَابَعَةِ ، وَبَاطِنُهُ بِالْإِخْلَاصِ ، فَمَتَى فَقَدَ الْعَمَلُ أَحَدَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فَسَدَ . فَمَنْ فَقَدَ الْإِخْلَاصَ كَانَ مُنَافِقًا ، وَهُمُ الَّذِينَ يُرَاؤُونَ النَّاسَ ، وَمَنْ فَقَدَ الْمُتَابَعَةَ كَانَ ضَالًّا جَاهِلًا . وَمَتَى جَمَعَهُمَا فَهُوَ عَمَلُ الْمُؤْمِنِينَ : ( الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ [ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ] ) [ الْأَحْقَافِ : 16 ] ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَأَتْبَاعُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ [ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ] ) [ آلِ عِمْرَانَ : 68 ] وَقَالَ تَعَالَى : ( [ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ] ) [ الْأَنْعَامِ : 161 ] وَ ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [ النَّحْلِ : 123 ] وَالْحَنِيفُ : هُوَ الْمَائِلُ عَنِ الشِّرْكِ قَصْدًا ، أَيْ تَارِكًا لَهُ عَنْ بَصِيرَةٍ ، وَمُقْبِلٌ عَلَى الْحَقِّ بِكُلِّيَّتِهِ ، لَا يَصُدُّهُ عَنْهُ صَادٌّ ، وَلَا يَرُدُّهُ عَنْهُ رَادٌّ .

وَقَوْلُهُ : ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ) وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّرْغِيبِ فِي اتِّبَاعِهِ ; لِأَنَّهُ إِمَامٌ يُقْتَدَى بِهِ ، حَيْثُ وَصَلَ إِلَى غَايَةِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعِبَادُ لَهُ ، فَإِنَّهُ انْتَهَى إِلَى دَرَجَةِ الْخُلَّةِ الَّتِي هِيَ أَرْفَعُ مَقَامَاتِ الْمُحِبَّةِ ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِكَثْرَةِ طَاعَتِهِ لِرَبِّهِ ، كَمَا وَصَفَهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ : ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) [ النَّجْمِ : 37 ] قَالَ كَثِيرُونَ مِنَ السَّلَفِ : أَيْ قَامَ بِجَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ وَوَفَّى كُلَّ مَقَامٍ مِنْ مَقَامَاتِ الْعِبَادَةِ ، فَكَانَ لَا يَشْغَلُهُ أَمْرٌ جَلِيلٌ عَنْ حَقِيرٍ ، وَلَا كَبِيرٌ عَنْ صَغِيرٍ . وَقَالَ تَعَالَى : ( وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ] ) الْآيَةَ [ الْبَقَرَةِ : 124 ] . وَقَالَ تَعَالَى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ] ) [ النَّحْلِ : 120 - 122 ] .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ : إِنَّ مُعَاذًا لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ صَلَّى الصُّبْحَ بِهِمْ : فَقَرَأَ : ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ .

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ خَلِيلًا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَصَابَ أَهْلَ نَاحِيَتِهِ جَدْبٌ ، فَارْتَحَلَ إِلَى خَلِيلٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ - وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مِنْ أَهْلِ مِصْرَ - لِيَمْتَارَ طَعَامًا لِأَهْلِهِ مِنْ قِبَلِهِ ، فَلَمْ يُصِبْ عِنْدَهُ حَاجَتَهُ . فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ أَهْلِهِ مَرَّ بِمَفَازَةٍ ذَاتِ رَمْلٍ ، فَقَالَ : لَوْ مَلَأْتُ غَرَائِرِي مِنْ هَذَا الرَّمْلِ ، لِئَلَّا أَغُمَّ أَهْلِي بِرُجُوعِي إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ مِيرَةٍ ، وَلِيَظُنُّوا أَنِّي أَتَيْتُهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ . فَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَتَحَوَّلَ مَا فِي غَرَائِرِهِ مِنَ الرَّمْلِ دَقِيقًا ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ نَامَ وَقَامَ أَهْلُهُ فَفَتَحُوا الْغَرَائِرَ ، [ ص: 424 ] فَوَجَدُوا دَقِيقًا فَعَجَنُوا وَخَبَزُوا مِنْهُ فَاسْتَيْقَظَ ، فَسَأَلَهُمْ عَنِ الدَّقِيقِ الَّذِي مِنْهُ خَبَزُوا ، فَقَالُوا : مِنَ الدَّقِيقِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ خَلِيلِكَ فَقَالَ : نَعَمْ ، هُوَ مِنْ خَلِيلِي اللَّهِ . فَسَمَّاهُ اللَّهُ بِذَلِكَ خَلِيلًا .

وَفِي صِحَّةِ هَذَا وَوُقُوعِهِ نَظَرٌ ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا إِسْرَائِيلِيًّا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ خَلِيلَ اللَّهِ لِشِدَّةِ مَحَبَّةِ رَبِّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، لَهُ ، لِمَا قَامَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا ; وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَهُمْ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ " .

وَجَاءَ مِنْ طَرِيقِ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا " .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أُسَيْدٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْحَنَفِيُّ ، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَلَسَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَهُ ، فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُمْ سَمِعَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ ، فَسَمِعَ حَدِيثَهُمْ ، وَإِذَا بَعْضُهُمْ يَقُولُ : عَجَبًا إِنِ اللَّهَ اتَّخَذَ مِنْ خَلْقِهِ خَلِيلًا فَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُهُ ! وَقَالَ آخَرُ : مَاذَا بِأَعْجَبِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا ! وَقَالَ آخَرُ : فَعِيسَى رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ! وَقَالَ آخَرُ : آدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ ! فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ وَقَالَ : " قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكُمْ وَتَعَجُّبَكُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَمُوسَى كَلِيمُهُ ، وَعِيسَى رُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ ، وَآدَمَ اصْطَفَاهُ اللَّهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَلَا وَإِنِّي حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ " .

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَلِبَعْضِهِ شَوَاهِدُ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا .

وَقَالَ قَتَادَةُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْخُلَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ ، وَالْكَلَامُ لِمُوسَى ، وَالرُّؤْيَةُ لِمُحَمَّدٍ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ .

رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ . وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنَ ، وَالْأَئِمَّةِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ الْقَزْوِينِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ - [ ص: 425 ] حَدَّثَنَا عَمْرٌو - يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ - عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُضِيفُ النَّاسَ ، فَخَرَجَ يَوْمًا يَلْتَمِسُ إِنْسَانًا يُضِيفُهُ ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُضِيفُهُ ، فَرَجَعَ إِلَى دَارِهِ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلًا قَائِمًا ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، مَا أَدْخَلَكَ دَارِي بِغَيْرِ إِذْنِي ؟ قَالَ : دَخَلْتُهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا . قَالَ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ ، أَرْسَلَنِي رَبِّي إِلَى عَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ أُبَشِّرُهُ أَنَّ اللَّهَ قَدِ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا . قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ فَوَاللَّهِ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهِ ثُمَّ كَانَ بِأَقْصَى الْبِلَادِ لَآتِيَنَّهُ ثُمَّ لَا أَبْرَحُ لَهُ جَارًا حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَنَا الْمَوْتُ . قَالَ : ذَلِكَ الْعَبْدُ أَنْتَ . قَالَ : أَنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فِيمَ اتَّخَذَنِي اللَّهُ خَلِيلًا ؟ قَالَ : إِنَّكَ تُعْطِي النَّاسَ وَلَا تَسْأَلُهُمْ .

وَحَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : لَمَّا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا أَلْقَى فِي قَلْبِهِ الْوَجَلَ ، حَتَّى إِنْ كَانَ خَفَقَانُ قَلْبِهِ لَيُسْمَعُ مِنْ بَعِيدٍ كَمَا يُسْمَعُ خَفَقَانُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ . وَهَكَذَا جَاءَ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُ كَانَ يُسْمَعُ لِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ .

وَقَوْلُهُ : ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) أَيِ : الْجَمِيعُ مِلْكُهُ وَعَبِيدُهُ وَخَلْقُهُ ، وَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، لَا رَادَّ لِمَا قَضَى ، وَلَا مُعَقِّبَ لِمَا حَكَمَ ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ، لِعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ .

وَقَوْلُهُ : ( وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ) أَيْ : عِلْمُهُ نَافِذٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ عِبَادِهِ ، وَلَا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ، وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ ذَرَّةٌ لِمَا تَرَاءَى لِلنَّاظِرِينَ وَمَا تَوَارَى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق